قال الحسن البصري -رحمه الله- ( لا يغرنك قول " يحشر المرء مع من أحب" فان اليهود والنصارى يحبون أنبيائهم وليسوا معهم ، ولكن اعمل بعملهم تحشر معهم )

مواضيع المدونة

الأحد، 26 فبراير 2012

عشرون نصيحة لاختي قبل زواجها متجدد

لنصيحة الثالثة: أنوثتك من أقوى أسلحتك
نعم، الله تعالى يقول عن جنسك من النساء: "أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ"(1).
فقد تعجزين عن الكلام، ولا تجدين أساليب الجدال والخصام، وقد تتزاحم الكلمات في حلقك رهبةً وحياءً من زوجك، وربما سارعت العبرات بالخروج قبل العبارات ولكن ثقي أن لديكِ سلاحاً فتاكاً بصلابة الرجال، يسلب العقول ويحقق الوصول للمأمول، وقد عجب منه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو:
الأنوثة التي جبلك الله تعالى عليها؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما رأيت من ناقصاتٍ عقلٍ أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" متفق عليه.
فهذا الرجل الحازم يذهب عقله أمام أنوثة المرأة فكيف بمن دونه؟!
وعليه: فإن لديكِ سلاح الأنوثة من: لطف الكلام، وحسن الدلال، وجميل الأدب، وحسن الطلب، وبديع إظهار الحزن والأسى، وسحر الدمعة، كل ذلك قدميه لزوجك، فطالما انقاد الزوج لزوجته بمثل هذا السلاح.
فزيدي في كل تصرفاتك يزداد الرجل تعلقا بك، ولكن لا يصل الحد من الدلال إلى الإهمال، فإن هذا من آفات الكثير من المدللات، يبلغ بهن الدلال إلى مناقضة الحال، فتمسحه بيدٍ وتصفعه بأخرى!
فربما تطيب له بالدلال والجمال وحسن الكلام، ولكنها مفرطة في بعض حقوقه، أو نظافة بيته أو العناية بولده أو إكرام ضيفه أو غير ذلك من الحقوق المطلوبة منها، وهذا سبب رئيس في فساد العديد من البيوت الزوجية.
النساء أربعة أنواع:
ولعل الفرصة سنحت لأذكر بعض أنواع النساء فانظري من أي نوع تكونين!
روى ابن حبان في نزهة الفضلاء في نصيحة الخطاب بن المعلى المخزوم لابنه(2) أنه قال في آخر كلامه:
واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف، فتوق منهن:
1. كل ذات بذى مجبولة على الأذى فمنهن:
أ. المعجبة بنفسها المزرية ببعلها(3)، إن أكرمها رأته لفضلها عليه(4)، لا تشكر على جميل ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القحة ستر الحياء عن وجهها، فلا تستحي من إعوارها ولا تستحي من جارها(5).
كلبة هرارة مهارشة عقارة(6) فوجه زوجها مكلوم وعرضه مشتوم(7)، ولا ترعى عليه الدين ولا الدنيا ولا تحفظه لصحبه ولا لكثرة بنين(.
حجابه مهتوك وستره منشور وخيره مدفون(9)، يُصيح كئيبا ويمسي عاتبا(10)، شرابه مر، وطعامه غيط وولده ضياع وبيته مستهلك(11)، وثوبه وسخ ورأسه شعث، إن ضحك فواهن وإن تكلم فمتكاره(12) نهاره ليل وليله ويل(13)، تلدغه مثل الحية العقارة وتلسعه مثل العقرب الجرارة.
ب. ومنهن شفشليق شعشع سلفع، ذات سم منقع(14) وإبرق واختلاق تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح (15)إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا(16)، مولدة لمخازيه محتقرة لما في يديه(17) تضرب له الأمثال، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حال إلى حال حتى قلا بيته، ومل ولده، وغث عيشه، وهانت عليه نفسه، وحتى أنكره إخوانه، ورحمه جيرانه(1.
ج. ومنهن الورهاء(19)الحمقاء، ذات الدال في غير موضعها، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها(20)، قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه(21) تأكل كالحمار الراتع.
تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت(22)، طعامها بائت وإناؤها وضر، وعجينها حامض، وماؤها فاتر(23) ومتاعها مزروع(24) وماعونها ممنوع(25) وخادمها مضروب وجارها محروب(26).
2. ومنهن العطوف الودود المباركة الولود، الأمونة على غيبها المحبوبة في جيرانها، المحمودة في سرها وإعلانها، الكريمة التبعل(27) الكثيرة التفضل، الخافضة صوتاً(2 النظيفة بيتاً، خادمها مسمن(29) وابنها مزين(30)وخيرها دائم وزوجها ناعم، موموقة مألوفة وبالعفاف والخيرات موصوفة.
جعلك الله يا بني ممن يقتدي بالهدى، ويأتم بالتقى، ويجتنب السخط ويحب الرضا.
تمت نصيحته وفيها من تنبيهات مهمة على أوصاف المحمود والمذموم من النساء(31).

--------
(1): [الزخرف:18].
(2): وهي نصيحة مهمة، وضمنتها كتابي( تاج الأدباء بوصايا الآباء للأبناء) يسر الله طباعته، وسوف أذكر محل الشاهد من الوصية بنصها وأعلق على مفرداتها بما يلزم إن شاء الله تعالى.
(3): أي أنها متكبرة في نفسها، وتنتقص زوجها دائما ومن ذلك انتقاصه لعقله أو لقبيلته أو لماله أو لمؤهله ونحو ذلك.
(4): أي لا تشكره، ولكن من كبرها وغطرستها تظن بأن كل ما يقدمه لها جاء لعلو قدرها عليه!
(5): أي أنها طويلة اللسان عليه حتى يخرج صوتها خارج البيت، فلم يحجزها خلقها على أن تخفض صوتها بل رفعته ولم تستحِ من جار أو ضيف، وهذا واقع فطالما سُمعت أصوات العديد منهن وهي تعاتب زوجها وكأنها تعاتب طفلاً من أطفالها، فأي زوجة هذه وأي أنوثة فيها؟
(6): هذا تشبيه لها، يقال هر الكلب هريراً: نبح، وعقارة: تعقر صاحبها كما يعقر الكلب.
(7): أي أن زوجها من شدة ما يلاقيه من سوء خلقها وجهه مكلوم حزين، وعرضه مستباح عند الناس يذمونه ويستحقرونه.
وقد قلت في بعض المواطن: إن خلق المرأة يظهر في وجه الرجل خاصة عند قدوم الضيوف، فمن استبشر بهم، وتوالت المكارم عليهم من جميل الطعام والشراب مع ترديد الترحيب وبشارة الوجه فإن زوجته من خلفه أسعد منه وأفرح بضيوف زوجها، ومن كان وجهه حزينا وشرابه باردا وآنيته وضرة وكرامته متأخرة لا تأتي على عجل، فوراءه امرأة أثقل من جبال أجا وسلمى نفساً ويداً.
(: أي مهما قدم لها فإنها لا تكافئه على ذلك ولا تعرف له معروفاً وسيأتي الكلام على ذلك في نصيحة مستقلة بإذن الله تعالى.
(9): أي تُظهر عيوبه عند النساء، وتنتقصه أمام جليساتها، ومهما قدم لها من خير تحجبه عن الناس، ولا تعترف به عنده أو عندهم!
(10): أي في الصبح يستيقظ كئيباً من سوء ليلة مرت به مع تلك المتغطرسة، وفي الليل يمسي عاتباً من نكبات النهار معها!!
(11): أي أنها من تكبرها وغطرستها لا تعتني بأولادها، ولا بمتاع بيتها، فالولد ضائع وأغراض بيتها مستهلكة، كلٌ يأخذ من جهته إهمالاً منها لا إعانة وكرماً!
(12): أي من شدة بؤس حياته، ونكد عيشه حتى لو ضحك فآثار الحسرة والندامة ظاهرة على وجهه بالوهن والخيبة، حتى الكلام يثقل عليه من شدة البؤس والوهن، فنعوذ بالله من هذا الحال.
(13): أي أن نهاره ليل من المشاكل، وليله ويلٌ منها أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(14): الشفشليق: العجوز المسترخية، والشعشع: الطويلة، والسلفع: الصخابة البذيئة السيئة الخلق، والسم المنقع: المربى، والقصد من هذا كله: المبالغة في قبح أخلاقها وطباعها.
(15): هذه أوصاف يجمعها: عدم الثبات على رأي، تصرفها آراء الغير، وتصبح برأي وتمسي على آخر، فلا يعرف لها زوجها مزاجاً ولا تستقيم على منهاج.
(16): أي لكبرها وعنادها تطرب بمخالفته وعدم طاعته!
(17): أي تتسبب في حدوث كل ما يخزيه، وتحتقر كل ما قدم لها من المعروف.
(1: أي تتسبب في نكد عيشه، حتى كرِه بيته وملّ من أولاده، ومقت معيشته ولم يعد يهتم بنفسه حتى صار محل شفقة من حوله من الأهل والجيران.
(19): الورهاء: الحمقاء، وأصل قولهم: سحابة ورهاء، أي: كثيرة المطر، وهذا النوع من النساء هي ذات الدلال الزائد إلى درجة الإهمال.
(20): أي لدلالها الممقوت وكأنها تمضغ لسانها، ومن مزيد سوء عشرتها تتكلم في غير شأنها.
(21): أي من مزيد خمولها: كأن منتهى غايتها حبه لها من غير تقديم دلائل العشرة الزوجية القويمة وحسن الخدمة للزوج.
(22): أي من مزيد كسلها ودلالها: ترتفع الشمس وهي نائمة لا صوت لها في البيت، وبيتها لم يكنس ولم يرتب وما أكثر هذا الجنس!
وهذا فيه إشارة -بالضد- إلى صفة الزوجة الكاملة أنها تنشط من أول النهار وتعتني بالبيت تنظيفاً وترتيباً وتطييباً.
(23): أي من كسلها وفساد دلالها أنها إن قدمت طعاماً لزوج أو ضيف فتقدمه بائتاً غير حديث الطبخ، وكذا آنيتها تظهر غير نظيفة فيها بقايا طعام وشراب سابق، وكذا هي فاشلة في طبخها الذي تقدمه فاتر لم تحسن تسخينه، والوضر -بفتح الواو والضاد- بقية الدهن والدسم في الإناء، والوضر -بكسر الضاد- الوصف منه.
(24): وهذه مضحكة محزنة، فمن وصف كسلها أن المتاع من طول تراكمه على بعض من غير ترتيب لا إعادة صف وتنظيم ينبت النبات فيه من تراكم الغبار حتى صار أرضاً خصبة للنبات، وهذا مما ينبغي للزوجة تجنبه، فتمر على كل أطراف بيتها ترتيباً وتنظيفاً وتطييباً.
(25): أي أنها ليست اجتماعية مع الجيران متعاونة معهم تعين وتساعد وتكرم وتتفضل.
(26): كل ذلك بسبب فشلها في الحياة الزوجية لقبيح دلالها، حتى تسببت في ضرر الخادم وكراهة الجار.
(27): أي العشرة الزوجية عموما.
(2: وهذا شأن المؤدبات: خفض الصوت مع الزوج إجلالاً واحتراماً، وكذا في تعاملها داخل البيت مع الأولاد، وتقدم أن من سوء خلق بعض الزوجات: المفضوحة بصوتها عن جيرانها!
(29): أي لكرمها وعظيم خدمتها، وجودة طبخها: الخادم غدا سميناً، فما بالك بولدها وزوجها؟ لا شك أنهم أكثر منه.
(30): ونظافة الابن علامة على نظافة الأم، فتهتم به دوماً بنظافة الجسم واللباس، وفوق ذلك النظافة الباطنة بتربيته على الأدب والأخلاق الفاضلة، والكلام البريء المشبع بالأدب.
(31): وسيأتي في آخر الكتاب في الطرف والملح بعض أنواع النساء.
النصيحة الخامسة: أغرِقي الأخطاء في بحر المحبة
الله تعالى لما خلق الزوجين الذكر والأنثى وشرع بينهما الاتصال بالتزواج بما أحل سبحانه وتعالى، جعل بينكِ وبينه الحب والمودة، قال عز وجل: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(1).
فطباع الناس ورغباتهم يندر أن تتفق كامل الاتفاق، ولكن تبادل الحب والرحمة والمودة ليس بعسير على من وفقه الله للخير.
إذا تقرر ذلك فإنك تجتمعين برجل لم يتربَّ تحت سقف بيتك -غالباً- له عاداته وطباعه التي جبله الله تعالى عليها، وأنتِ بالنسبة له كذلك، فليس من لوازم صحة العشرة الزوجية توافق الرغبات والعادات، ولكن أهم لوازمها صدق المحبة والمشاعر والمودات، فكراهتك لشيءٍ من أخلاقه لا يعني مقت سائرها، ولا يحتم عليكِ رفضه مطلقاً وغمر ما عنده من محاسن، ولو فاصلنا بين كل من لا يوافق ذوقه أذواقنا، وميوله ما نميل إليه لما صَفَا لنا من البشر أحدٌ حتى الوالدان، والإخوان والأخوات؛ فالكمال عزيز.
وتأملي في تعاملكِ مع إخوانك في بيتك، هل ترين أنهم كلهم في السلوك والطبع سواء؟!
ذاك كريم ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك شجاع ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك رحيم ولكن عيبه كيت وكيت، فغضِّي الطرف عن تلك العيوب وحاولي علاجها، ومدي عينيكِ إلى محاسنهم وأشكريهم عليها.
وهكذا زوجك: فمهما ظهر لكِ من خلقٍ تكرهينه لا يصل إلى درجة الإجرام والحرام، فغضي طرفك عنه مع حسن النصيحة، واغمري هذه الزلة في بحر المحبة له.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر"(2).
والمعنى: أن المؤمن -وكذلك المؤمنة- لا يكره أحدهما من صاحبه خلقاً إلا أحب فيه خلقاً آخر.
وهكذا فيما يحصل منه خطأ مباشر عليكِ من كلام وتصرفات، لا تجعلي ذلك إعلان حربٍ أهلية داخلية، وتنصبي له العداء بهذا التصرف، فقبل أن تبادريه بالرد -كلاماً أو هجراً أو غير ذلك- اسألي نفسك بنفسك:
أليس هذا هو الذي أحببته من قلبي من قبل؟
أليس هذا الذي سعِدت معه أياماً لا أحصيها؟
واذكري المدة الطويلة التي قضيتيها معه في سعادة ومودة ورحمة، وزنِيها بميزان العدل.
فهل يُعقل أن يخف وزنها من أجل زلّة؟
وأن يذهب جمال عشرت زوجية مضت بـــ: كلمةٍ خرجت من فرط خطأ أو سوء خلق؟
فالتغاضي عن الزلل مع السعي على الإصلاح من سمات عقلاء البشر، كما قال الشاعر:
ليس الغبي بسيدٍ في قومه.... لكن سيد قومه المتغابي

والمعنى: أن تغضي الطرف عن الزلة، وتضبطي نفسك عند الغضب، حتى لا تتكلمي بما لا يليق، وتندمي عليه فيما بعد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(3).
حتى لو بلغ بينك وبينه من تنافر القلوب وقت الغضب فلا ينفر لسانك بما يدينك ويحفظ عليك، فالظلم ظلمات يوم القيامة، كأن تقولي بعد مدة من المودة والرحمة: أنا لم أحبك قط! ولم أهنأ بحياتي معك قط!!
فإن هذا قد يقطع على حياتكم الزوجية طريق الرجوع لبرِّ الأمان، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب"(4).
فلا تظلميه بما ليس فيه، ولا تظلمي نفسك بما يحرقك الندم عليه في المستقبل.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحبِب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما" (5).
فإذا أبغضتيه ساعة من الساعات فعلى هونك، لا تظهري له كل علامات الغضب وعباراته، فما يدريك لو صَفَتِ الأمور بينكِ وبينه بعد لحظات، وعادت الأمور إلى مجاريها كما يقال، فكيف بحالك معه في ذلك الحين وقد قلتِ وتصرفتِ تلك الأقوال والتصرفات؟!
فلا تعذبي نفسك بموجبات الندم، ولا تجبري وجهك على مواطن الحسرة والخجل، وعليك بالكلام العدل في الرضا والغضب، وفقني الله وإياكِ لذلك.

--------------------
(1): [الروم:21].
(2): أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3): متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(4): رواه النسائي.
(5): أخرجه الترمذي.

السبت، 18 فبراير 2012

السؤال:
 من قطر
يقول السائل أنا اشتركت في إحدى المنتديات ، والقصدُ من ذلك نشر الفائدة للناس أحياناً أغيب عن المنتدى وتأتي رسائل من الأعضاء ويسألوني عن سبب الغياب ، منهم من يلقي السلام ويسأل عن الأخبار فما حكم فضيلتكم في مثل هذه المحادثات بين الجنسين التي تكون في حدود الأدب ؟ وجزاكم الله خيراً.
أتمنى أن يرسل الرد عليّ وتقبلوا مني فائق الإحترام والتقدير.
الجواب:
 يابنتي كم نصحت بناتي المسلمات بالبعد عن المشاركة في المنتديات التي يرتادها النساء والرجال وبينت ، وأظن ذلك ممانشر عني في سحاب أنها مظنة الدس الرخيص من بعض مرضى القلوب فيدخل باسم أم أحمد ، أم سلام ، أم بكر ، وهكذا فأنصحك إن كنت تقبلين النصيحة وأظنك كذلك إن شاء الله  ، أن لا تشاركي في هذه المنتديات فإنها خليط هذا أقوله لكِ وقد تكرر لديّ تجربةً وثبت لديّ كذلك من ثقات ، فابتعدي عن هذه المنتديات إذا كان لديك شيء تحتاجه بنات جنسك من فوائد فانشريه في المواقع مثل موقع سحاب موقع ميراث الأنبياء منتدى الوحيين انشري ولاتُعرضي نفسك إلى رد ومردود فإنه يوجد من الرجال من لايصون كرامة المرأة ولايحترم كما يقولون مشاعرها ، بل يطلق عبارات سفاهات ووقاحات على نساء فاضلات والله اعلم
 وصلى الله وسلم على نبينا محمد واستودعكم الله ، والسلام  عليكم ورحمه الله وبركاته

الجمعة، 17 فبراير 2012

 
  
في واجبات الزوجة تجاه زوجها

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فقد أثبت الله تعالى لكلٍّ من الزّوجين حقوقًا على صاحبه، وحقُّ كلِّ واحدٍ منهما يقابله واجبُ الآخر، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا»(١- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030))، غير أنَّ الرجل -لاعتباراتٍ مميَّزةٍ- خصَّه الله تعالى بمزيدِ درجةٍ لقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228].
وحقوق الزوجية ثلاثةٌ: بعضها مشتركٌ بين الزوجين، وبعضها خاصٌّ بكلٍّ منهما على حدةٍ، وهما: حقُّ الزوجة على زوجها، وحقُّ الزوج على زوجته.
وسأقتصر -في هذا المقام- على ذكر ما أوجبه الله تعالى على الزوجة من التزاماتٍ وآدابٍ أخلاقيّةٍ تقوم بها تجاه زوجها، وهي مسئولةٌ أمام الله تعالى عن ضياع حقوقه المرتبطة بها أو التقصير فيها، ويمكن أن أستجمعَ هذه الالتزاماتِ المناطةَ بها على ما يأتي:
أوَّلاً: طاعة الزوج بالمعروف
لأنَّ هذه الطاعة مأمورٌ بها شرعًا، وهي سبب الحفاظ على الحياة الزوجية من التصدُّع والانشقاق الذي قد يؤدِّي إلى انهيار كيان الأسرة، فالطاعة تقوِّي المحبَّة القلبية بين الزوجين، وتُعَمِّق صلاتِ التآلف بين سائر أفراد الأسرة، وتُبْعد خطر التفكُّك المتولِّد -غالبًا- من آفة الجدل العقيم، والعناد المنفِّر، وكفران العشير.
كما أنَّ طاعة الزوج تمنحه الإحساس بالقوَّة للقيام بمسئوليَّته، وتدفعه لتحقيق القوامة بكلِّ جدارةٍ تجاه زوجته، وذلك بإلزامها بحقوق الله تعالى والمحافظة على فرائضه، وإبعادها عن المفاسد وكفِّها عن المظالم، مع القيام برعاية أسرته والإنفاق عليها بما حباه الله تعالى من خصائص العقل والقوَّة؛ لقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النّساء: 34]، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله-: «أي: الرجل قَيِّمٌ على المرأة، أي: هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدِّبها إذا اعوجَّت»(٢- «تفسير ابن كثير» (1/ 491))، ولمَّا كان فضلُ الله على الرجل ظاهرًا من وجوهٍ متعدِّدةٍ، سواء من جهة الولايات أو اختصاصه بالعبادات كالجُمع والجهاد، وتكليفه بعموم النفقات؛ جعل الله وظيفة المرأة القيامَ بطاعة ربِّها وطاعةِ زوجها بالمعروف، وطاعتُه مِن طاعة الله تعالى؛ لقولِه تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾ [النساء: 34]، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ»(٣- أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 191)، وابن حبَّان في «صحيحه» بنحوه (4163)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «آداب الزفاف» (214)، وصحَّحه في «صحيح الجامع» (660))، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللهِ، لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ»(٤- أخرجه ابن ماجه في «النكاح» باب حقِّ الزوج على المرأة (1853)، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما في قصَّة معاذٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 56): رقم (1998). جاء في: [«لسان العرب» (1/ 661)]: «ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ: إكاف البعير؛ وقيل: هو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير. وفي «الصحاح»: رَحْلٌ صغيرٌ على قدر السنام»، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم في «غريب الحديث» (4/ 330): «كنَّا نرى أن المعنى أن يكون ذلك وهي تسير على ظهر البعير، فجاء التفسير في بعض الحديث بغير ذلك: أنَّ المرأة كانت إذا حضر نفاسُها أُجْلِسَتْ على قتبٍ ليكون أسلس لولادتها»)، وأمر الزوجَ -من جهةٍ أخرى- أن لا يعاقبَ زوجته على تفريطها في أمورٍ سابقةٍ، ولا على إفراطها في معاملاتٍ ماضيةٍ، ولا أن ينقِّب عن العيوب المضرَّة إذا حصلتْ له الطاعة وتحقَّقت الرغبة، تفاديًا لأيِّ فسادٍ قد ينجرُّ عن الملامة، ودرءًا لأيِّ شرٍّ قد يتولَّد عن المتابعة بالمعاتبة؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ [النساء: 34].
ثانيًا: صيانة عِرض الزوج والمحافظة على ماله وولده
وذلك لقوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾ [النساء: 34]، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله-: «﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ أي: من النساء. ﴿قَانِتَاتٌ﴾: قال ابن عبَّاسٍ وغير واحدٍ: يعني مطيعاتٌ لأزواجهن. ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾: قال السُّدِّي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله»(٥- «تفسير ابن كثير» (1/ 491))، ومن صيانة عِرض الزوج أن لا تخونَه بالتطلُّع إلى غيره ولو بنظرةٍ مريبةٍ، أو كلمةٍ مهيِّجةٍ فاتنةٍ، أو موعدٍ غادرٍ، أو لقاءٍ آثمٍ، فهي تصون عِرْض زوجها وتحافظ على شرفها.
كما أنها ترعى ماله بأنْ لا تأخذَ منه شيئًا، ولا تتصرَّف فيه إلاَّ بعد استشارته وإذنه، وتربِّي أولادها على هذا الخُلُق؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ»(٦- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: المرأة راعيةٌ في بيت زوجها (5200)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 887) رقم (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما)، بل هي مأمورةٌ شرعًا باستشارته واستئذانه حتى في مالها الخاصِّ بها؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْتَهِكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا إِلاَّ بِإذْنِ زَوْجِهَا»(٧- أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 83)، من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 405) رقم: (775))، وذلك من تمام قوامة الرجل عليها.
ثالثًا: رعاية شعور الزوج ومراعاة كرامته وإحساسه
فتحرص الزوجة على أن لا يرى منها زوجها في بيته إلاَّ ما يسرُّه من حسن المظهر والهيئة، والزينة وطلاقة الوجه، وأن لا يسمعَ منها إلاَّ ما يُرضيه من حسنِ الخطاب وجميلِ الكلام، وعباراتِ التقدير والاحترام، ولا يجدَ منها إلا ما يحبُّ ويُفرح، فلا تُغضبه ولا تسيء إليه؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَنِسَاؤُكُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ الْوَدُودُ الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا غَضِبَ جَاءَتْ حَتَّى تَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقُولُ: لاَ أَذُوقُ غَمْضًا حَتَّى تَرْضَى»(٨- أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 418)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 578) رقم: (287))، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلاَ تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ»(٩- أخرجه النسائي في «النكاح» باب: أيُّ النساء خير (3231)، وأحمد في «مسنده» (2/ 251). وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (13/ 153)، وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (6/ 197) رقم: (1786)).
وفي هذا المضمون التوجيهي، قالت أسماءُ بنت خارجةَ الفزارية وهي تزفُّ ابنتها إلى زوجها ليلةَ عرسها: «يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ خَرَجْتِ مِنَ العُشِّ الَّذِي فِيهِ دَرَجْتِ، فَصِرْتِ إِلَى فِرَاشٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ، وَقَرِينٍ لَمْ تَأْلَفِيهِ، فَكُونِي لَهُ أَرْضًا يَكُنْ لَكِ سَمَاءً، وَكُونِي لَهُ مِهَادًا يَكُنْ لَكِ عِمَادًا، وَكُونِي لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَكِ عَبْدًا، وَلاَ تُلْحِفِي بِهِ فَيَقْلاَكِ(١٠- قال الأزهري في: [«تهذيب اللغة» (9/ 225)]: «وكلام العرب الفصيحُ: قَلاه يقلِيه قِلًى ومَقلِيةً: إِذا أبغضه، ولغةٌ أُخْرَى وليست بجيِّدة: قلاه يقلاه، وهي قليلةٌ») وَلاَ تَبَاعَدِي عَنْهُ فَيَنْسَاكِ، وَإِنْ دَنَا مِنْكِ فَادْنِي مِنْهُ، وَإِنْ نَأَى عَنْكِ فَابْعُدِي عَنْهُ، وَاحْفَظِي أَنْفَهُ وَسَمْعَهُ وَعَيْنَهُ ... فَلاَ يَشُمَّنَّ مِنْكِ إِلاَّ طَيِّبًا، وَلاَ يَسْمَعْ إِلاَّ حَسَنًا، وَلاَ يَنْظُرْ إِلاَّ جَمِيلاً..»(١١- «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (2/ 58)، و«دائرة معارف الأسرة المسلمة» (46/ 206)).
فتلزم بيت زوجها، ولا تخرج منه إلاَّ بإذنه ورضاه، ولا تُدخل بيتَه من يكره أو تُلِحُّ عليه فيما يأباه ويحرجه؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «... فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ»(١٢- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030))، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»(١٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195)، ومسلم في «الزكاة» (1/ 455) رقم: (1026)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ولا ترفع صوتها عليه، ولا تُفحش بلسانها أو تنطق بالبذاء معه أو مع والديه وأقاربه؛ لقوله تعالى: ﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: 148].
والواجب أن تُعامل أقاربه بالإحسان والبرِّ على الوجه الذي يعاملهم به زوجها ، فإنَّ ذلك يُفرح الزوجَ ويَسرُّه ويُثلج صدرَه ويُؤنسه، وما أحسنتْ إلى زوجها أبدًا من أساءتْ إلى والدَيْه وأقاربه، وإذا كانت الدعوةُ إلى صلة وُدِّ الوالد ثابتةً في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إنَّ أَبَرَّ البِرِّ صِلَةُ الولدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»(١٤- أخرجه مسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (2/ 1189) رقم: (2552)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، فإنَّ الزوجة أحرى بأن تحفظ وُدَّ أهل زوجها.
هذا، وينبغي للزوجة الصالحة أن تلتزم الحذرَ بأنْ لا تكونَ سببا في إغضاب ربِّها أو في زلزلة العلاقة الزوجية، أو تعكير صفائها، وذلك بوقوعها في المحاذير التالية:
المحذور الأوَّل: طاعة الزوج في معصية الله
والمعلوم أنَّ طاعة الزوج مشروطةٌ بأنْ تكون في المعروف، وهو كلُّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه والإحسان إلى الناس، وفعلِ ما ندب إليه الشرعُ، وتركِ ما نهى عنه، فإنْ أمرها الزوج بمعصية الله أو مخالفة شريعته أو تجاوُزِ حدوده فلا سمْعَ عليها ولا طاعةَ؛ لأنَّ طاعة ربِّها أَوْلى بالتقديم من طاعته؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»(١٥- أخرجه البخاري في «الأحكام» باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 892) رقم: (1840)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه)، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»(١٦- أخرجه أحمد في «المسند» (5/ 66)، والطبراني في «المعجم الكبير» (18/ 170) واللفظ له، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (7520))، ومن لوازم ذلك أن تأخذَ نصيبها الواجب من العلم الشرعي لإصلاح دينها وتزكية نفسها، فترتسم لها حدود الله ظاهرةً لئلاَّ تتجاوزها بطاعة زوجها.
المحذور الثاني: إيذاء الزوج
والواجب على الزوجة أن تتحاشى أذيَّة زوجها بالقول أو الفعل، سواء في عِرْضه أو ماله أو ولده، فلا تحتقره أو تغتابه أو تعيبه أو تسخر منه أو تنبزه بلقبِ سوءٍ، أو تعامله بما لا يحبُّ أن يُعامَل به، ويكفي إنذارًا للزوجة المؤذية دعاءُ الحورِ العينِ عليها الثابتُ في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ: لاَ تُؤْذِيهِ، قَاتَلَكِ اللهُ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا»(١٧- أخرجه الترمذي في «الرضاع» (1174)، وأحمد في «مسنده» (5/ 242)، من حديث معاذ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 334) رقم: (173))، ومن وجوه الأذيَّة أنْ تَمُنَّ عليه إذا أنفقتْ عليه وعلى أولاده من مالها، فإنَّ المنَّ -بغضِّ النظر عن إيذاء الزوج به- يُبطل الأجرَ والثواب، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى﴾ [البقرة: 264]، ومن وجوه أذيَّته -أيضًا- تكليفُه فوق طاقته، بل عليها أن ترضى باليسير وتقنعَ به حتى يفتحَ الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7].
المحذور الثالث: إسخاط الزوج
وعلى الزوجة أن تجتنبَ ما يُغضب الزوجَ ويكرهه من عموم معاملاتها وتصرُّفاتها معه أو مع والديه وأقاربه، مما لا يسرُّه ولا يرضاه على أن يكونَ في حيِّز المعروف -كما تقدَّم-؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»(١٨- أخرجه الترمذي في «الصلاة» بابٌ فيمن أمَّ قومًا وهُمْ له كارهون (360)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (3057))، قال أهل العلم: «هذا إذا كان السخط لسوء خُلُقها، أو سوء أدبها، أو قلَّة طاعتها، أمَّا إن كان سخطُ زوجِها من غير جُرْمٍ فلا إثْمَ عليها»(١٩- «تحفة الأحوذيِّ» للمباركفوري (2/ 344)).
المحذور الرابع: كفر إحسان الزوج
وعلى الزوجة أن تحذرَ الوقوعَ في جحد نعمة الزوج وإحسانه إليها، والواجبُ عليها أن تعترفَ بإحسانه وعطائه، وتشكرَه على فضله ونِعَمِه، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لاَ تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ»(٢٠- أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 207)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 294). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 581) رقم: (289))، ذلك لأنَّ شُكر نعمة الزوج هو من باب شُكر نعمة الله تعالى: و«مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللهَ»(٢١- أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في شكر المعروف (4811)، والترمذي في «البرِّ والصلة» باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (1954) واللفظ له، وأحمد في «مسنده» (2/ 295)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ«مسند أحمد» (15/ 83)، والألباني في «صحيح الجامع» (6601)، وهو في «السلسلة الصحيحة» (1/ 776) رقم: (416) من حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه) كما ثبت في الحديث، إذ كلُّ نعمةٍ قدَّمها العشير إلى أهله فهي معدودةٌ من نعمة الله أجراها على يد العشير، وقد جاء التحذيرُ من كفرانِ الحقوق، وتركِ شكرِ المُنْعِمِ في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ»، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «بِكُفْرِهِنَّ»، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: «بِكُفْرِ الْعَشِيرِ، وَبِكُفْرِ الإِحْسَانِ: لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ»(٢٢- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب كفران العشير، وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة (5197)، ومسلم في «الكسوف» (1/ 405) رقم: (907) واللفظ له، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما)، قال المُناوي -رحمه الله-: «لأنَّ كفران العطاء، وترْكَ الصبر عند البلاء، وغلبةَ الهوى، والميلَ إلى زخرف الدنيا، والإعراضَ عن مفاخر الآخرة فيهنَّ أغلب لضعف عقلهنَّ وسرعة انخداعهنَّ»(٢٣- «فيض القدير» للمناوي (1/ 545)).
المحذور الخامس: سؤال الزوج طلاقَ نفسها
لا ينبغي للزوجة أن تطلب من زوجها طلاقَ نفسِها من غير شدَّةٍ تُلجئها إلى سؤال المفارقة، ككونها تُبغض زوجها وتخشى أن لا تقيمَ حدودَ الله معه، أو يعاملُها معاملةً سيِّئةً، أو يعصي اللهَ بترك الفرائض والواجبات أو فعلِ المنكرات والمحرَّمات، وغيرها من الأسباب المعتبرة والدوافع الصحيحة التي تخوِّل للمرأة الخلعَ أو فسْخَ العقد بالطلاق.
أمَّا مع حصول الوئام والاتِّفاق وخلوِّ الحياة الزوجية من الأسباب الحقيقية الدافعة لطلب الطلاق فهذا لا يجوز شرعًا؛ للوعيد الشديد المتضمَّن في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ»(٢٤- أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في الخلع (2226)، وأحمد في «مسنده» (5/ 277)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (7/ 100) رقم: (2035)).
المحذور السادس: الامتناع من تمكين الزوج من الاستمتاع بها
على الزوجة أن تحذرَ الامتناعَ من تمكين زوجها من حقِّه في الاستمتاع بها، للوعيد الشديد باللعن والسخط الوارد في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»(٢٥- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: إذا باتت المرأة مهاجرةً فراشَ زوجها (5193)، ومسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) واللفظ له، من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما)، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا»(٢٦- أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، وفي الحديثين دليلٌ على أنَّ امتناع الزوجة من حليلها بلا سببٍ مشروعٍ أو عذرٍ مقبولٍ كبيرةٌ، وأنَّ سخط الزوج يوجب سخط الربِّ، ورضاه يوجب رضاه، علمًا أنَّ الحيض ليس بعذرٍ؛ لجواز الاستمتاع بها بما دون الفرج؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ»(٢٧- أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 150) رقم: (302) من حديث أنس رضي الله عنه)، والنُّفساءُ في حكم الحائض.
هذا، والممتنعة من حليلها بلا سببٍ صحيحٍ تبقى اللعنة عليها مستمرَّةً تتبعها إلى طلوع الفجر، ما لم يرْضَ عنها زوجها أو ترجعْ إلى الفراش.
المحذور السابع: إفشاء أسرار الجماع
على الزوجة أن تحفظ عِرْض زوجها بأن لا تُفشيَ سرَّ الجماع وتخبرَ بما فعلتْ معه وتنشرَه، وهذا المحذور مشتركٌ بين الزوجين؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»(٢٨- أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1437) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه)، وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ الأنصارية رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا»، فَأَرَمَّ القَوْمُ [أي: سكتوا ولم يجيبوا]، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ»(٢٩- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 456). وصحَّحه الألباني في «آداب الزفاف» (70))، وهذا إنما يحرم إذا كان الإخبار عن الوقاع على وجه التندُّر والتفكُّه، أمَّا إذا كان إفشاءُ السرِّ أو بعضِه ممَّا تدعو إليه الحاجة الشرعية: كالاستفتاء والقضاء والطبِّ ونحو ذلك فيجوز بقدره، ويدلُّ على جوازه أنه لمَّا سئل النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن الرجل يجامع زوجته ثمَّ يُكْسِلُ -وذلك بحضرة عائشةَ رضي الله عنها- قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ»(٣٠- أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 168) رقم: (350)، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، وكذلك سأله عمر بن أبي سلمة الحميري رضي الله عنه عن القُبلة للصائم، فقال: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ هَذِهِ»، لأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَتْقَاكُمْ للهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»(٣١- أخرجه مسلم في «الصيام» (1/ 493) رقم: (1108) من حديث عمر بن أبي سلمة الحميري رضي الله عنه، وهو غير ربيب النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عمر بن أبي سلمة وأمِّ سلمة المخزوميِّ القرشيِّ أبًا وأمًّا رضي الله عنهم أجمعين).
المحذور الثامن: صوم غير رمضان بدون إذن زوجها
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوُّعًا وزوجُها حاضرٌ إلاَّ بإذنه، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاََ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»(٣٢- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
وأمَّا صيام الفرض: فإن كان غير مقيَّدٍ بوقتٍ فإنها تستأذنه فيه -أيضًا-، فإن طلب منها التأخيرَ أخَّرتْ، وقد كانت عائشة رضي الله عنها لا تتمكَّن من قضاء صوم رمضانَ إلاَّ في شعبانَ، لمكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم منها(٣٣- أخرجه البخاري في «الصوم» باب: متى يقضي قضاء رمضان (1950) ومسلم في «الصيام» (1146)، ولفظ مسلم: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي لفظ آخَرَ أنَّ يحيى بن سعيدٍ قال: «وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي «مسند إسحاق بن راهويه» (1037): «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الأَيَّامُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَدْخُلَ شَعْبَانُ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»).
أمَّا إذا كان الوقت ضيِّقًا كأنْ لم يبْقَ مِن شعبانَ إلاَّ مقدارُ ما عليها من رمضانَ، أو كان الواجب مضيَّقًا كصوم رمضانَ؛ فإنها تصوم وجوبًا ولو منعها زوجُها، ويدلُّ عليه الزيادة في رواية أبي داود: «غَيْرَ رَمَضَانَ»(٣٤- أخرجه أبو داود في «الصيام» باب: المرأة تصوم بغير إذن زوجها (2458) بلفظ: «لاَ تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ»، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه النووي في «المجموع» (6/ 392)، والألباني في «صحيح أبي داود» (7/ 219))، ولأنَّ صيام الفرض حقُّ الله، وحقُّه سبحانه مقدَّمٌ على حقِّ الزوج.
المحذور التاسع: نزع ثيابها في غير بيت زوجها
لا يجوز للمرأة أن تخلع ثيابها في غير بيت زوجها أو أهلها أو محارمها، فإنَّ التكشُّف في غير بيتٍ آمنٍ، كالحمَّاماتِ وقاعاتِ الحفلاتِ ونحوها، يعرِّض المرأة للتهمة والفتنة، وخاصَّةً مع ما يجري في زماننا من استعمال آلات التصوير في قاعات الأفراح وأماكن الاستراحة، وما تلتقطه من صور التبرُّج والعري والخلاعة وغيرها من مظاهر الفتنة، وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرَهُ»(٣٥- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 301) بلفظ «سِتْرًا»، والحاكم في «المستدرك» (4/ 321) واللفظ له، من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «غاية المرام» (195))، وعن أبي المَلِيحِ الهُذَلِيِّ: «أَنَّ نِسْوَةً مِنْ أَهَلِ حِمْصَ اسْتَأْذَنَّ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ اللَّوَاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ»(٣٦- أخرجه ابن ماجه في «الأدب» باب دخول الحمَّام (3750)، وأحمد في «مسنده» (6/ 41)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (2710))، قال المُناوي -رحمه الله-: «(وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا): كنايةٌ عن تكشُّفها للأجانب وعدم تستُّرها منهم (فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): لأنه تعالى أنزل لباسًا ليوارين به سوءاتهنَّ وهو لباس التقوى، وإذا لم تتَّقين(٣٧- كذا في الأصل، والصواب: يتَّقين) اللهَ وكشفْن سوءاتهنَّ هتكْنَ الستر بينهن وبين الله تعالى، وكما هتكتْ نفسها ولم تصُنْ وجهها وخانتْ زوجها يهتك الله سترها، والجزاء من جنس العمل، والهتك خرْقُ الستر عمَّا وراءه، والهتيكة الفضيحة»(٣٨- «فيض القدير» (3/ 136)).
قلت: وقد تتكشَّف في غير بيتٍ آمنٍ ويحصل أن تكون معها امرأةُ سوءٍ تصفها لمن يرغب فيها على ما رأتْ من حسنها ويجرُّه ذلك إلى الإثم، وقد قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا»(٣٩- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها (5240) من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه).
رابعًا: خدمة المرأة زوجها وتدبير المنزل وتربية الأولاد
هناك إشكالٌ يفرض نفسه يَرِد على تكييف مسألة خدمة المرأة زوجها: هل يُعَدُّ حقًّا للزوج وتكون المرأة -حالتئذٍ- مسؤولةً عن ضياع حقِّه أو التقصير فيه، أم أنه ليس بواجبٍ عليها خدمتُه لأنَّ المعقود عليه من جهتها الاستمتاع فلا يلزمها غيره؟ والمسألة محلُّ نزاعٍ بين اجتهادات الفقهاء، غيرَ أنه لا يخفى أنَّ من الوظائف الطبيعية للمرأة قيامَها بحقِّ زوجها وخدمة أولاده وتدبير شؤون بيتها، فهذا العمل الطبيعيُّ تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوجين، ويُعَدُّ من المهمَّات الأساسية في تماسُك الأسرة وسعادتها، وفي إعداد جيلٍ طيِّب الأعراق، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ»(٤٠- أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 160)، من حديث معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5259))، وقد وعى نساء الصحابة رضي الله عنهم هذه المهمَّاتِ الجليلةَ فهمًا وعملاً، ومن النماذج الواقعية لهذا الجيل المفضَّل أنَّ فاطمةَ رضي الله عنها بنتَ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كانت تخدم زوجها حتى اشتكتْ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما تلقى في يدها من الرحى(٤١- أخرجه البخاري في «النفقات» باب عمل المرأة في بيت زوجها (5361)، ومسلم في «الذكر والدعاء» (2/ 1252) رقم (2727)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه)، وكذلك ما رواه مسلمٌ عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما قالت: «كُنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوسُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ: كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ وَأَسُوسُهُ...»(٤٢- أخرجه مسلم في «السلام» (2/ 1042) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما)، وما رواه الشيخان عنها قالت: «تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ وَأَعْلِفُهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، قَالَتْ: وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ»(٤٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب الغَيْرة (5224)، ومسلم في «السلام» (2/ 1041) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما)، ومن أخلاق السلف نصيحةُ المرأة إذا زُفَّت إلى زوجها بخدمة الزوج ورعاية حقِّه وتربية أولاده(٤٤- انظر «فقه السنَّة» لسيِّد سابق (2/ 233)، «موسوعة الخطب المنبرية» (1/ 1429)).
هذا، وإن كان العلماء يختلفون في حكم خدمة المرأة لزوجها(٤٥- انظر الخلاف في «المغني» لابن قدامة (7/ 21)، «المجموع» [التكملة الثانية] (18/ 256)) إلاَّ أنَّ الرأي الأقرب إلى الصحَّة والمعروف الذي يتوافق مع وظيفتها الطبيعية هو وجوبُ خدمتها لزوجها الخدمة المعروفة من مثلها لمثله وقيامها بحقِّه، بحسَب حالها وظروفها، ولا تكليفَ عليها فيما لا قدرةَ لها عليه ولا إرهاقَ، وضمن هذا السياق وتقريرًا لهذا المعنى فقد حقَّق ابن القيِّم -رحمه الله- هذه المسألةَ بقوله: «فاختلف الفقهاء في ذلك، فأوجب طائفةٌ من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت، وقال أبو ثورٍ: عليها أن تخدم زوجها في كلِّ شيءٍ، ومنعتْ طائفةٌ وجوبَ خدمته عليها في شيءٍ، وممَّن ذهب إلى ذلك مالكٌ والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر، قالوا: لأنَّ عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاعَ لا الاستخدامَ وبذْلَ المنافع، قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدلُّ على التطوُّع ومكارم الأخلاق فأين الوجوب منها؟ واحتجَّ من أوجب الخدمة بأنَّ هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، وأمَّا ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسُه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمِن المنكر، والله تعالى يقول: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]، وقال: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النّساء: 34]، وإذا لم تخدمْه المرأة، بل يكون هو الخادمَ لها، فهي القوَّامة عليه، وأيضًا: فإنَّ المهر في مقابلة البُضع، وكلٌّ من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جَرَتْ به عادة الأزواج، وأيضًا فإنَّ العقود المطلقة إنما تَنْزل على العرف، والعرفُ خدمة المرأة وقيامُها بمصالح البيت الداخلة، وقولهم: إنَّ خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرُّعًا وإحسانًا يردُّه أنَّ فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة، فلم يقل لعليٍّ: لا خدمةَ عليها، وإنما هي عليك، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم لا يحابي في الحكم أحدًا، ولمَّا رأى أسماءَ والعلفُ على رأسها، والزبيرُ معه لم يقلْ له: لا خدمةَ عليها، وأنَّ هذا ظلمٌ لها، بل أقرَّه على استخدامها، وأقرَّ سائرَ أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأنَّ منهنَّ الكارهةَ والراضية، هذا أمرٌ لا ريبَ فيه.
ولا يصحُّ التفريق بين شريفةٍ ودنيئةٍ وفقيرةٍ وغنيَّةٍ، فهذه أشرف نساء العالمين، كانت تخدم زوجها وجاءته صلَّى الله عليه وسلَّم تشكو إليه الخدمة، فلم يُشْكِها، وقد سمَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح المرأةَ عانيةً، فقال: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ»(٤٦- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163) بلفظ: «أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ»، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وأخرجه مسلم في «الحجِّ» (1218) بلفظ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» [وعوانٍ: جمع عانيةٍ، وهي الأسيرة، انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 598)])، والعاني: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده ولا ريبَ أنَّ النكاح نوعٌ من الرِّقِّ، كما قال بعض السلف: «النِّكَاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ»(٤٧- أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (591) عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكرٍ: «يَا بَنِيَّ وَيَا بَنِي بَنِيَّ، إِنَّ هَذَا النِّكَاحَ رِقٌّ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ»، وقال الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (479): «رواه أبو عمر التوقاني في «معاشرة الأهلين» موقوفًا على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكرٍ، قال البيهقي: ورُوِيَ ذلك مرفوعًا والموقوف أصحُّ»، اﻫ.)، ولا يخفى على المنصف الراجحُ من المذهبين والأقوى من الدليلين»(٤٨- «زاد المعاد» لابن القيِّم (5/ 187-189)).
وقد سبقه إلى هذا التقرير شيخُه ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال: «وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولة الطعام والشراب والخَبْز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه مثل علف دابَّته ونحو ذلك؟ فمنهم من قال: لا تجب الخدمة، وهذا القول ضعيفٌ كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء؛ فإنَّ هذا ليس معاشرةً له بالمعروف؛ بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحةٍ لم يكن قد عاشره بالمعروف، وقيل -وهو الصواب- وجوب الخدمة؛ فإنَّ الزوج سيِّدها في كتاب الله(٤٩- وذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: 25]، وعنى بالسيِّد الزوجَ [«فتح القدير» للشوكاني (3/ 18)])؛ وهي عانيةٌ عنده بسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم(٥٠- سبق تخريجه)، وعلى العاني والعبد الخدمة؛ ولأنَّ ذلك هو المعروف، ثمَّ مِن هؤلاء مَن قال: تجب الخدمة اليسيرة، ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف وهذا هو الصواب، فعليها أن تخدمه الخدمةَ المعروفةَ من مثلها لمثله ويتنوَّع ذلك بتنوُّع الأحوال: فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمةُ القوية ليست كخدمة الضعيفة»(٥١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (34/ 90)).
ولا شكَّ أنَّ قيام الزوجة بهذه المهمَّة النبيلة يحفظ للأسرة استقرارَها وسعادتها، ويعمِّق رابطةَ التآلف والمودَّة في ظلِّ التّعاون على البرِّ والتقوى، وعلى الزوج -من جهةٍ أخرى- أن يقدِّر حالها ولا يحمِّلها ما لا طاقةَ لها به، وله أن يعينها في بعض شؤونها ومهمَّاتها للتكامل والتآزر، لا سيَّما في حال مرضها أو عجزها أو زحمة الأعمال عليها اقتداءً بالنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي لم يأنفْ من مساعدة أزواجه، فعن الأسود قال سألتُ عائشة رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ-، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ(٥٢- أخرجه البخاري في «الجماعة والإمامة» باب من كان في حاجة أهله فأُقيمت الصلاة فخرج (676)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، أي أنه عليه الصلاة والسلام كان يخدم في مهنة أهله ويقمُّ بيته ويخيط ثوبه و«يَرْقَعُ دَلْوَهُ»(٥٣- أخرجه ابن حبَّان (5676) من حديث عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، ولفظه بتمامه: «مَا يَفْعَلُ أَحَدُكُمْ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ: يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ») ويخصف نعله ويحلب شاته ويخدم نفسه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، فإذا حضرت الصلاة قام إليها(٥٤- انظر: «فتح الباري» لابن حجر (2/ 163)).
ويدلُّ على مسئولية الزوجة في القيام بحقِّ الأولاد تربيةً ورعايةً قولُه تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: 233]، وقولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»(٥٥- أخرجه البخاري في «الجمعة» باب الجمعة في القرى والمدن (893)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 886) رقم: (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما).
خامسًا: إحداد الزوجة في عدَّة وفاة زوجها
وعلى الزوجة الاعتداد في بيتها الذي كانت تسكنه يوم تُوفِّيَ زوجُها، لِما جاء في حديث الفريعةِ بنتِ مالكٍ رضي الله عنهما التي تُوفِّيَ عنها زوجُها قالت: خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلاَجٍ لَهُ، فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُومِ فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ، شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ جَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي، وَلَمْ يَدَعْ مَالاً يُنْفِقُ عَلَيَّ وَلاَ مَالاً وَرِثْتُهُ وَلاَ دَارًا يَمْلِكُهَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَلْحَقَ بِدَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي، فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَجْمَعُ لِي فِي بَعْضِ أَمْرِي، قَالَ: «فَافْعَلِي إِنْ شِئْتِ»، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ قَرِيرَةً عَيْنِي لِمَا قَضَى اللهُ لِي عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي بَعْضِ الْحُجْرَةِ دَعَانِي، فَقَالَ: «كَيْفَ زَعَمْتِ؟»، قَالَتْ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(٥٦- أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في المتوفَّى عنها تنتقل (2300)، وابن ماجه في «الطلاق» باب: أين تعتدُّ المتوفَّى عنها زوجُها (2031). والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (8/ 243)، وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (7/ 206) رقم: (2131)، ولكنَّه تراجع عن تضعيفه فصحَّحه في «صحيح أبي داود» (2300) وأشار إلى ذلك في «السلسلة الضعيفة» (12/ 208) عند الحديث رقم: (5597))، وعلى الزوجة المعتدَّة في هذه الفترة الإحدادُ على زوجها بأنْ تتركَ الطِّيبَ وأنواع الزينة سواء بلُبس المزركش والبرَّاق، والمشبع بالأخضر والأزرق، ولُبس الحليِّ والاختضاب والاكتحال إلاَّ ما استُثني للضرورة، إظهارًا لحزنها على نعمة الزواج بوفاة زوجها وتأسُّفًا على ما فاتها من حسن العشرة وإدامة الصحبة إلى وقت الموت، فالإحدادُ مظهرٌ من مظاهر الوفاء لزوجها الميِّت الذي فقدتْه، ويدلُّ عليه قولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(٥٧- أخرجه البخاري في «الطلاق» باب: تُحِدُّ المتوفَّى عنها زوجُها أربعة أشهرٍ وعشرًا (5334)، ومسلم في «الطلاق» (2/ 692) رقم: (1486) بنحوه بلفظ: «ثلاثٍ» من حديث أمِّ المؤمنين أمِّ حبيبة بنتِ أبي سفيان رضي الله عنهما).
ومن منطلق عموم هذا الحديث وغيره، فإنَّ الإحداد لازمٌ على المعتدَّة مطلقًا، سواء كانت كبيرةً أو صغيرةً، عاقلةً أو مجنونةً، مسلمةً أو كتابيَّةً، إذ الإحدادُ بترك الطِّيب والزينة معنًى معقولٌ يتمثَّل في تقليل الرغبة فيها، وفي هذا التقليل زيادةُ احتياطٍ في حفظ النسب من جهةٍ، ومنعُ تشوُّف الرجال إليها وتشوُّفِها إليهم من جهةٍ أخرى، وهذا المعنى تستوي فيه المسلمة والكتابيَّة.
هذا، وأخيرًا فإنَّ هذه الالتزاماتِ والمحاذيرَ المذكورةَ ما هي إلاَّ مرآةٌ صادقةٌ على صفاتِ الزوجةِ الصالحة التي تؤدِّي حقَّ ربِّها وتطيع زوجها في المعروف، وتحافظ على نفسها في غَيْبته، وتصون مالَه وترعى أولادَه، وتخدمه الخدمةَ المعروفة من مثلها لمثله بحسَبِ حالها وظروفها، وتحرص على ما يسرُّه ويُرضيه، وتبتعد عن كلِّ ما يُغضبه ويؤذيه، ونحو ذلك ممَّا تقدَّم لتحقِّق بهذه الصفاتِ الحسنةِ، والأخلاق السامية، والآداب العالية لنفسها وزوجها وأولادها سقفًا كريمًا متماسكًا، وبيتًا مطمئنًّا مستقرًّا ملؤُه المودَّةُ والرحمةُ وحياةٌ سعيدةٌ في الدنيا والآخرة، وبهذا تكون الزوجةُ الصالحةُ مربِّيةَ الأجيال وصانعةَ الرجال، ولقد صدق الشاعر حين قال:
الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا * أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَعَهَّدَهُ الحَيَا * بِالرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّمَا إِيرَاقِ
الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَاتِذَةِ الأُلَى * شَغَلَتْ مَآثِرهُمْ مَدَى الآفَاقِ(٥٨- قصيدة «تربية البنات» لشاعر النيل: محمَّد حافظ إبراهيم -رحمه الله-)
وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من حديث الحصين بن مِحصن: أنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قال: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟»، قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»(٥٩- أخرجه أحمد في «مسنده» (4/ 341). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/ 220)).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 12 ربيع الأول 1432ﻫ
الموافق ﻟ: 15 فبراير 2011م

١- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030).
٢- «تفسير ابن كثير» (1/ 491).
٣-  أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 191)، وابن حبَّان في «صحيحه» بنحوه (4163)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «آداب الزفاف» (214)، وصحَّحه في «صحيح الجامع» (660).
٤- أخرجه ابن ماجه في «النكاح» باب حقِّ الزوج على المرأة (1853)، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما في قصَّة معاذٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 56): رقم (1998). جاء في: [«لسان العرب» (1/ 661)]: «ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ: إكاف البعير؛ وقيل: هو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير. وفي «الصحاح»: رَحْلٌ صغيرٌ على قدر السنام»، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم في «غريب الحديث» (4/ 330): «كنَّا نرى أن المعنى أن يكون ذلك وهي تسير على ظهر البعير، فجاء التفسير في بعض الحديث بغير ذلك: أنَّ المرأة كانت إذا حضر نفاسُها أُجْلِسَتْ على قتبٍ ليكون أسلس لولادتها».
٥-  «تفسير ابن كثير» (1/ 491).
٦-  متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: المرأة راعيةٌ في بيت زوجها (5200)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 887) رقم (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
٧-  أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 83)، من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 405) رقم: (775).
٨-  أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 418)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 578) رقم: (287).
٩- أخرجه النسائي في «النكاح» باب: أيُّ النساء خير (3231)، وأحمد في «مسنده» (2/ 251). وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (13/ 153)، وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (6/ 197) رقم: (1786).
١٠-  قال الأزهري في: [«تهذيب اللغة» (9/ 225)]: «وكلام العرب الفصيحُ: قَلاه يقلِيه قِلًى ومَقلِيةً: إِذا أبغضه، ولغةٌ أُخْرَى وليست بجيِّدة: قلاه يقلاه، وهي قليلةٌ».
١١-  «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (2/ 58)، و«دائرة معارف الأسرة المسلمة» (46/ 206).
١٢-  أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030).
١٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195)، ومسلم في «الزكاة» (1/ 455) رقم: (1026)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١٤- أخرجه مسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (2/ 1189) رقم: (2552)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
١٥- أخرجه البخاري في «الأحكام» باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 892) رقم: (1840)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
١٦- أخرجه أحمد في «المسند» (5/ 66)، والطبراني في «المعجم الكبير» (18/ 170) واللفظ له، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (7520).
١٧-  أخرجه الترمذي في «الرضاع» (1174)، وأحمد في «مسنده» (5/ 242)، من حديث معاذ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 334) رقم: (173).
١٨- أخرجه الترمذي في «الصلاة» بابٌ فيمن أمَّ قومًا وهُمْ له كارهون (360)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (3057).
١٩-  «تحفة الأحوذيِّ» للمباركفوري (2/ 344).
٢٠-  أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 207)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 294). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 581) رقم: (289).
٢١- أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في شكر المعروف (4811)، والترمذي في «البرِّ والصلة» باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (1954) واللفظ له، وأحمد في «مسنده» (2/ 295)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ«مسند أحمد» (15/ 83)، والألباني في «صحيح الجامع» (6601)، وهو في «السلسلة الصحيحة» (1/ 776) رقم: (416) من حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه.
٢٢- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب كفران العشير، وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة (5197)، ومسلم في «الكسوف» (1/ 405) رقم: (907) واللفظ له، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
٢٣-  «فيض القدير» للمناوي (1/ 545).
٢٤-  أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في الخلع (2226)، وأحمد في «مسنده» (5/ 277)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (7/ 100) رقم: (2035).
٢٥- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: إذا باتت المرأة مهاجرةً فراشَ زوجها (5193)، ومسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) واللفظ له، من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما.
٢٦-  أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢٧-  أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 150) رقم: (302) من حديث أنس رضي الله عنه.
٢٨-  أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1437) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
٢٩-  أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 456). وصحَّحه الألباني في «آداب الزفاف» (70).
٣٠-  أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 168) رقم: (350)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٣١-  أخرجه مسلم في «الصيام» (1/ 493) رقم: (1108) من حديث عمر بن أبي سلمة الحميري رضي الله عنه، وهو غير ربيب النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عمر بن أبي سلمة وأمِّ سلمة المخزوميِّ القرشيِّ أبًا وأمًّا رضي الله عنهم أجمعين.
٣٢-  أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٣٣-  أخرجه البخاري في «الصوم» باب: متى يقضي قضاء رمضان (1950) ومسلم في «الصيام» (1146)، ولفظ مسلم: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي لفظ آخَرَ أنَّ يحيى بن سعيدٍ قال: «وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي «مسند إسحاق بن راهويه» (1037): «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الأَيَّامُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَدْخُلَ شَعْبَانُ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
٣٤- أخرجه أبو داود في «الصيام» باب: المرأة تصوم بغير إذن زوجها (2458) بلفظ: «لاَ تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ»، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه النووي في «المجموع» (6/ 392)، والألباني في «صحيح أبي داود» (7/ 219).
٣٥- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 301) بلفظ «سِتْرًا»، والحاكم في «المستدرك» (4/ 321) واللفظ له، من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «غاية المرام» (195).
٣٦- أخرجه ابن ماجه في «الأدب» باب دخول الحمَّام (3750)، وأحمد في «مسنده» (6/ 41)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (2710).
٣٧- كذا في الأصل، والصواب: يتَّقين.
٣٨- «فيض القدير» (3/ 136).
٣٩- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها (5240) من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه.
٤٠-  أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 160)، من حديث معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5259).
٤١- أخرجه البخاري في «النفقات» باب عمل المرأة في بيت زوجها (5361 ومسلم في «الذكر والدعاء» (2/ 1252) رقم (2727)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
٤٢- أخرجه مسلم في «السلام» (2/ 1042) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما.
٤٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب الغَيْرة (5224)، ومسلم في «السلام» (2/ 1041) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما.
٤٤-  انظر «فقه السنَّة» لسيِّد سابق (2/ 233)، «موسوعة الخطب المنبرية» (1/ 1429).
٤٥-  انظر الخلاف في «المغني» لابن قدامة (7/ 21)، «المجموع» [التكملة الثانية] (18/ 256).
٤٦-  أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163) بلفظ: «أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ»، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وأخرجه مسلم في «الحجِّ» (1218) بلفظ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» [وعوانٍ: جمع عانيةٍ، وهي الأسيرة، انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 598)].
٤٧- أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (591) عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكرٍ: «يَا بَنِيَّ وَيَا بَنِي بَنِيَّ، إِنَّ هَذَا النِّكَاحَ رِقٌّ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ»، وقال الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (479): «رواه أبو عمر التوقاني في «معاشرة الأهلين» موقوفًا على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكرٍ، قال البيهقي: ورُوِيَ ذلك مرفوعًا والموقوف أصحُّ»، اﻫ.
٤٨- «زاد المعاد» لابن القيِّم (5/ 187-189).
٤٩- وذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: 25]، وعنى بالسيِّد الزوجَ [«فتح القدير» للشوكاني (3/ 18)].
٥٠-  سبق تخريجه.
٥١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (34/ 90).
٥٢- أخرجه البخاري في «الجماعة والإمامة» باب من كان في حاجة أهله فأُقيمت الصلاة فخرج (676)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٥٣- أخرجه ابن حبَّان (5676) من حديث عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، ولفظه بتمامه: «مَا يَفْعَلُ أَحَدُكُمْ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ: يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ»
٥٤- انظر: «فتح الباري» لابن حجر (2/ 163).
٥٥- أخرجه البخاري في «الجمعة» باب الجمعة في القرى والمدن (893)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 886) رقم: (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
٥٦- أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في المتوفَّى عنها تنتقل (2300)، وابن ماجه في «الطلاق» باب: أين تعتدُّ المتوفَّى عنها زوجُها (2031). والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (8/ 243)، وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (7/ 206) رقم: (2131)، ولكنَّه تراجع عن تضعيفه فصحَّحه في «صحيح أبي داود» (2300) وأشار إلى ذلك في «السلسلة الضعيفة» (12/ 208) عند الحديث رقم: (5597).
٥٧- أخرجه البخاري في «الطلاق» باب: تُحِدُّ المتوفَّى عنها زوجُها أربعة أشهرٍ وعشرًا (5334)، ومسلم في «الطلاق» (2/ 692) رقم: (1486) بنحوه بلفظ: «ثلاثٍ» من حديث أمِّ المؤمنين أمِّ حبيبة بنتِ أبي سفيان رضي الله عنهما.
٥٨-  قصيدة «تربية البنات» لشاعر النيل: محمَّد حافظ إبراهيم -رحمه الله-.
٥٩-  أخرجه أحمد في «مسنده» (4/ 341). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/ 220) 


http://www.ferkous.com/rep/M65.php