قال الحسن البصري -رحمه الله- ( لا يغرنك قول " يحشر المرء مع من أحب" فان اليهود والنصارى يحبون أنبيائهم وليسوا معهم ، ولكن اعمل بعملهم تحشر معهم )

مواضيع المدونة

الأحد، 26 فبراير 2012

عشرون نصيحة لاختي قبل زواجها متجدد

لنصيحة الثالثة: أنوثتك من أقوى أسلحتك
نعم، الله تعالى يقول عن جنسك من النساء: "أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ"(1).
فقد تعجزين عن الكلام، ولا تجدين أساليب الجدال والخصام، وقد تتزاحم الكلمات في حلقك رهبةً وحياءً من زوجك، وربما سارعت العبرات بالخروج قبل العبارات ولكن ثقي أن لديكِ سلاحاً فتاكاً بصلابة الرجال، يسلب العقول ويحقق الوصول للمأمول، وقد عجب منه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو:
الأنوثة التي جبلك الله تعالى عليها؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما رأيت من ناقصاتٍ عقلٍ أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" متفق عليه.
فهذا الرجل الحازم يذهب عقله أمام أنوثة المرأة فكيف بمن دونه؟!
وعليه: فإن لديكِ سلاح الأنوثة من: لطف الكلام، وحسن الدلال، وجميل الأدب، وحسن الطلب، وبديع إظهار الحزن والأسى، وسحر الدمعة، كل ذلك قدميه لزوجك، فطالما انقاد الزوج لزوجته بمثل هذا السلاح.
فزيدي في كل تصرفاتك يزداد الرجل تعلقا بك، ولكن لا يصل الحد من الدلال إلى الإهمال، فإن هذا من آفات الكثير من المدللات، يبلغ بهن الدلال إلى مناقضة الحال، فتمسحه بيدٍ وتصفعه بأخرى!
فربما تطيب له بالدلال والجمال وحسن الكلام، ولكنها مفرطة في بعض حقوقه، أو نظافة بيته أو العناية بولده أو إكرام ضيفه أو غير ذلك من الحقوق المطلوبة منها، وهذا سبب رئيس في فساد العديد من البيوت الزوجية.
النساء أربعة أنواع:
ولعل الفرصة سنحت لأذكر بعض أنواع النساء فانظري من أي نوع تكونين!
روى ابن حبان في نزهة الفضلاء في نصيحة الخطاب بن المعلى المخزوم لابنه(2) أنه قال في آخر كلامه:
واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف، فتوق منهن:
1. كل ذات بذى مجبولة على الأذى فمنهن:
أ. المعجبة بنفسها المزرية ببعلها(3)، إن أكرمها رأته لفضلها عليه(4)، لا تشكر على جميل ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القحة ستر الحياء عن وجهها، فلا تستحي من إعوارها ولا تستحي من جارها(5).
كلبة هرارة مهارشة عقارة(6) فوجه زوجها مكلوم وعرضه مشتوم(7)، ولا ترعى عليه الدين ولا الدنيا ولا تحفظه لصحبه ولا لكثرة بنين(.
حجابه مهتوك وستره منشور وخيره مدفون(9)، يُصيح كئيبا ويمسي عاتبا(10)، شرابه مر، وطعامه غيط وولده ضياع وبيته مستهلك(11)، وثوبه وسخ ورأسه شعث، إن ضحك فواهن وإن تكلم فمتكاره(12) نهاره ليل وليله ويل(13)، تلدغه مثل الحية العقارة وتلسعه مثل العقرب الجرارة.
ب. ومنهن شفشليق شعشع سلفع، ذات سم منقع(14) وإبرق واختلاق تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح (15)إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا(16)، مولدة لمخازيه محتقرة لما في يديه(17) تضرب له الأمثال، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حال إلى حال حتى قلا بيته، ومل ولده، وغث عيشه، وهانت عليه نفسه، وحتى أنكره إخوانه، ورحمه جيرانه(1.
ج. ومنهن الورهاء(19)الحمقاء، ذات الدال في غير موضعها، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها(20)، قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه(21) تأكل كالحمار الراتع.
تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت(22)، طعامها بائت وإناؤها وضر، وعجينها حامض، وماؤها فاتر(23) ومتاعها مزروع(24) وماعونها ممنوع(25) وخادمها مضروب وجارها محروب(26).
2. ومنهن العطوف الودود المباركة الولود، الأمونة على غيبها المحبوبة في جيرانها، المحمودة في سرها وإعلانها، الكريمة التبعل(27) الكثيرة التفضل، الخافضة صوتاً(2 النظيفة بيتاً، خادمها مسمن(29) وابنها مزين(30)وخيرها دائم وزوجها ناعم، موموقة مألوفة وبالعفاف والخيرات موصوفة.
جعلك الله يا بني ممن يقتدي بالهدى، ويأتم بالتقى، ويجتنب السخط ويحب الرضا.
تمت نصيحته وفيها من تنبيهات مهمة على أوصاف المحمود والمذموم من النساء(31).

--------
(1): [الزخرف:18].
(2): وهي نصيحة مهمة، وضمنتها كتابي( تاج الأدباء بوصايا الآباء للأبناء) يسر الله طباعته، وسوف أذكر محل الشاهد من الوصية بنصها وأعلق على مفرداتها بما يلزم إن شاء الله تعالى.
(3): أي أنها متكبرة في نفسها، وتنتقص زوجها دائما ومن ذلك انتقاصه لعقله أو لقبيلته أو لماله أو لمؤهله ونحو ذلك.
(4): أي لا تشكره، ولكن من كبرها وغطرستها تظن بأن كل ما يقدمه لها جاء لعلو قدرها عليه!
(5): أي أنها طويلة اللسان عليه حتى يخرج صوتها خارج البيت، فلم يحجزها خلقها على أن تخفض صوتها بل رفعته ولم تستحِ من جار أو ضيف، وهذا واقع فطالما سُمعت أصوات العديد منهن وهي تعاتب زوجها وكأنها تعاتب طفلاً من أطفالها، فأي زوجة هذه وأي أنوثة فيها؟
(6): هذا تشبيه لها، يقال هر الكلب هريراً: نبح، وعقارة: تعقر صاحبها كما يعقر الكلب.
(7): أي أن زوجها من شدة ما يلاقيه من سوء خلقها وجهه مكلوم حزين، وعرضه مستباح عند الناس يذمونه ويستحقرونه.
وقد قلت في بعض المواطن: إن خلق المرأة يظهر في وجه الرجل خاصة عند قدوم الضيوف، فمن استبشر بهم، وتوالت المكارم عليهم من جميل الطعام والشراب مع ترديد الترحيب وبشارة الوجه فإن زوجته من خلفه أسعد منه وأفرح بضيوف زوجها، ومن كان وجهه حزينا وشرابه باردا وآنيته وضرة وكرامته متأخرة لا تأتي على عجل، فوراءه امرأة أثقل من جبال أجا وسلمى نفساً ويداً.
(: أي مهما قدم لها فإنها لا تكافئه على ذلك ولا تعرف له معروفاً وسيأتي الكلام على ذلك في نصيحة مستقلة بإذن الله تعالى.
(9): أي تُظهر عيوبه عند النساء، وتنتقصه أمام جليساتها، ومهما قدم لها من خير تحجبه عن الناس، ولا تعترف به عنده أو عندهم!
(10): أي في الصبح يستيقظ كئيباً من سوء ليلة مرت به مع تلك المتغطرسة، وفي الليل يمسي عاتباً من نكبات النهار معها!!
(11): أي أنها من تكبرها وغطرستها لا تعتني بأولادها، ولا بمتاع بيتها، فالولد ضائع وأغراض بيتها مستهلكة، كلٌ يأخذ من جهته إهمالاً منها لا إعانة وكرماً!
(12): أي من شدة بؤس حياته، ونكد عيشه حتى لو ضحك فآثار الحسرة والندامة ظاهرة على وجهه بالوهن والخيبة، حتى الكلام يثقل عليه من شدة البؤس والوهن، فنعوذ بالله من هذا الحال.
(13): أي أن نهاره ليل من المشاكل، وليله ويلٌ منها أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(14): الشفشليق: العجوز المسترخية، والشعشع: الطويلة، والسلفع: الصخابة البذيئة السيئة الخلق، والسم المنقع: المربى، والقصد من هذا كله: المبالغة في قبح أخلاقها وطباعها.
(15): هذه أوصاف يجمعها: عدم الثبات على رأي، تصرفها آراء الغير، وتصبح برأي وتمسي على آخر، فلا يعرف لها زوجها مزاجاً ولا تستقيم على منهاج.
(16): أي لكبرها وعنادها تطرب بمخالفته وعدم طاعته!
(17): أي تتسبب في حدوث كل ما يخزيه، وتحتقر كل ما قدم لها من المعروف.
(1: أي تتسبب في نكد عيشه، حتى كرِه بيته وملّ من أولاده، ومقت معيشته ولم يعد يهتم بنفسه حتى صار محل شفقة من حوله من الأهل والجيران.
(19): الورهاء: الحمقاء، وأصل قولهم: سحابة ورهاء، أي: كثيرة المطر، وهذا النوع من النساء هي ذات الدلال الزائد إلى درجة الإهمال.
(20): أي لدلالها الممقوت وكأنها تمضغ لسانها، ومن مزيد سوء عشرتها تتكلم في غير شأنها.
(21): أي من مزيد خمولها: كأن منتهى غايتها حبه لها من غير تقديم دلائل العشرة الزوجية القويمة وحسن الخدمة للزوج.
(22): أي من مزيد كسلها ودلالها: ترتفع الشمس وهي نائمة لا صوت لها في البيت، وبيتها لم يكنس ولم يرتب وما أكثر هذا الجنس!
وهذا فيه إشارة -بالضد- إلى صفة الزوجة الكاملة أنها تنشط من أول النهار وتعتني بالبيت تنظيفاً وترتيباً وتطييباً.
(23): أي من كسلها وفساد دلالها أنها إن قدمت طعاماً لزوج أو ضيف فتقدمه بائتاً غير حديث الطبخ، وكذا آنيتها تظهر غير نظيفة فيها بقايا طعام وشراب سابق، وكذا هي فاشلة في طبخها الذي تقدمه فاتر لم تحسن تسخينه، والوضر -بفتح الواو والضاد- بقية الدهن والدسم في الإناء، والوضر -بكسر الضاد- الوصف منه.
(24): وهذه مضحكة محزنة، فمن وصف كسلها أن المتاع من طول تراكمه على بعض من غير ترتيب لا إعادة صف وتنظيم ينبت النبات فيه من تراكم الغبار حتى صار أرضاً خصبة للنبات، وهذا مما ينبغي للزوجة تجنبه، فتمر على كل أطراف بيتها ترتيباً وتنظيفاً وتطييباً.
(25): أي أنها ليست اجتماعية مع الجيران متعاونة معهم تعين وتساعد وتكرم وتتفضل.
(26): كل ذلك بسبب فشلها في الحياة الزوجية لقبيح دلالها، حتى تسببت في ضرر الخادم وكراهة الجار.
(27): أي العشرة الزوجية عموما.
(2: وهذا شأن المؤدبات: خفض الصوت مع الزوج إجلالاً واحتراماً، وكذا في تعاملها داخل البيت مع الأولاد، وتقدم أن من سوء خلق بعض الزوجات: المفضوحة بصوتها عن جيرانها!
(29): أي لكرمها وعظيم خدمتها، وجودة طبخها: الخادم غدا سميناً، فما بالك بولدها وزوجها؟ لا شك أنهم أكثر منه.
(30): ونظافة الابن علامة على نظافة الأم، فتهتم به دوماً بنظافة الجسم واللباس، وفوق ذلك النظافة الباطنة بتربيته على الأدب والأخلاق الفاضلة، والكلام البريء المشبع بالأدب.
(31): وسيأتي في آخر الكتاب في الطرف والملح بعض أنواع النساء.
النصيحة الخامسة: أغرِقي الأخطاء في بحر المحبة
الله تعالى لما خلق الزوجين الذكر والأنثى وشرع بينهما الاتصال بالتزواج بما أحل سبحانه وتعالى، جعل بينكِ وبينه الحب والمودة، قال عز وجل: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(1).
فطباع الناس ورغباتهم يندر أن تتفق كامل الاتفاق، ولكن تبادل الحب والرحمة والمودة ليس بعسير على من وفقه الله للخير.
إذا تقرر ذلك فإنك تجتمعين برجل لم يتربَّ تحت سقف بيتك -غالباً- له عاداته وطباعه التي جبله الله تعالى عليها، وأنتِ بالنسبة له كذلك، فليس من لوازم صحة العشرة الزوجية توافق الرغبات والعادات، ولكن أهم لوازمها صدق المحبة والمشاعر والمودات، فكراهتك لشيءٍ من أخلاقه لا يعني مقت سائرها، ولا يحتم عليكِ رفضه مطلقاً وغمر ما عنده من محاسن، ولو فاصلنا بين كل من لا يوافق ذوقه أذواقنا، وميوله ما نميل إليه لما صَفَا لنا من البشر أحدٌ حتى الوالدان، والإخوان والأخوات؛ فالكمال عزيز.
وتأملي في تعاملكِ مع إخوانك في بيتك، هل ترين أنهم كلهم في السلوك والطبع سواء؟!
ذاك كريم ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك شجاع ولكن عيبه كيت وكيت، وذاك رحيم ولكن عيبه كيت وكيت، فغضِّي الطرف عن تلك العيوب وحاولي علاجها، ومدي عينيكِ إلى محاسنهم وأشكريهم عليها.
وهكذا زوجك: فمهما ظهر لكِ من خلقٍ تكرهينه لا يصل إلى درجة الإجرام والحرام، فغضي طرفك عنه مع حسن النصيحة، واغمري هذه الزلة في بحر المحبة له.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر"(2).
والمعنى: أن المؤمن -وكذلك المؤمنة- لا يكره أحدهما من صاحبه خلقاً إلا أحب فيه خلقاً آخر.
وهكذا فيما يحصل منه خطأ مباشر عليكِ من كلام وتصرفات، لا تجعلي ذلك إعلان حربٍ أهلية داخلية، وتنصبي له العداء بهذا التصرف، فقبل أن تبادريه بالرد -كلاماً أو هجراً أو غير ذلك- اسألي نفسك بنفسك:
أليس هذا هو الذي أحببته من قلبي من قبل؟
أليس هذا الذي سعِدت معه أياماً لا أحصيها؟
واذكري المدة الطويلة التي قضيتيها معه في سعادة ومودة ورحمة، وزنِيها بميزان العدل.
فهل يُعقل أن يخف وزنها من أجل زلّة؟
وأن يذهب جمال عشرت زوجية مضت بـــ: كلمةٍ خرجت من فرط خطأ أو سوء خلق؟
فالتغاضي عن الزلل مع السعي على الإصلاح من سمات عقلاء البشر، كما قال الشاعر:
ليس الغبي بسيدٍ في قومه.... لكن سيد قومه المتغابي

والمعنى: أن تغضي الطرف عن الزلة، وتضبطي نفسك عند الغضب، حتى لا تتكلمي بما لا يليق، وتندمي عليه فيما بعد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(3).
حتى لو بلغ بينك وبينه من تنافر القلوب وقت الغضب فلا ينفر لسانك بما يدينك ويحفظ عليك، فالظلم ظلمات يوم القيامة، كأن تقولي بعد مدة من المودة والرحمة: أنا لم أحبك قط! ولم أهنأ بحياتي معك قط!!
فإن هذا قد يقطع على حياتكم الزوجية طريق الرجوع لبرِّ الأمان، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب"(4).
فلا تظلميه بما ليس فيه، ولا تظلمي نفسك بما يحرقك الندم عليه في المستقبل.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحبِب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما" (5).
فإذا أبغضتيه ساعة من الساعات فعلى هونك، لا تظهري له كل علامات الغضب وعباراته، فما يدريك لو صَفَتِ الأمور بينكِ وبينه بعد لحظات، وعادت الأمور إلى مجاريها كما يقال، فكيف بحالك معه في ذلك الحين وقد قلتِ وتصرفتِ تلك الأقوال والتصرفات؟!
فلا تعذبي نفسك بموجبات الندم، ولا تجبري وجهك على مواطن الحسرة والخجل، وعليك بالكلام العدل في الرضا والغضب، وفقني الله وإياكِ لذلك.

--------------------
(1): [الروم:21].
(2): أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3): متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(4): رواه النسائي.
(5): أخرجه الترمذي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق